في مدن الجنوب الليبي، حيث تلتقي هشاشة الاقتصاد بانهيار البنى الاجتماعية، برزت ظاهرة جديدة على الهامش، حيث نساء مهاجرات يعملن داخل مقاه مخصصة تقليديا للرجال، في مشهد غير مألوف يخلط بين الحاجة والصدام مع الأعراف.
وراء هذا الحضور غير المتوقع، حكايات نساء فررن من العوز ومن الحروب في بلدانهن، ليجدن أنفسهن في فضاءات يغلب عليها الطابع الذكوري، يمسحن الطاولات، ينظفن الأركان، ويؤدين أعمالا لم يكن ليتخيّلنها يوما، وهذا العمل ليس خيارا بقدر ما هو قشة النجاة الأخيرة.
ويرى علي أبوحليقة، الناشط من الجنوب، أن الانخراط في هذه الأعمال ليس رغبة بل من انسداد الأفق أمام هؤلاء النساء، واعتبر أن قبولهن بأجور متدنية وشروط قاسية هو ما يدفع أصحاب المقاهي إلى تشغيلهن، خاصة في ظل ندرة اليد العاملة المحلية.
ولكن هذه الظاهرة التي تنمو بصمت أثارت موجة انتقادات؛ ليس فقط بسبب الظروف الصعبة التي تعمل فيها النساء، بل بسبب ما يعتبره البعض تهديدا للمنظومة الأخلاقية التي تتمسك بها مجتمعات الجنوب، ومع تنامي هذه الأصوات، لم تتأخر الأجهزة الأمنية في التحرك.
وفي سياق متصل، أعلنت مديرية أمن الكفرة، إحدى أبرز المدن الجنوبية، عن تنفيذ حملات مداهمة لعدد من المقاهي، مؤكدة ضبط “وافدات غير قانونيات” يعملن في تلك الأماكن. وأشارت إلى أن تشغيلهن يتنافى مع الأعراف ويخالف القوانين المحلية، معلنة اتخاذ إجراءات ضد أصحاب المقاهي والعاملات على حد سواء.
ودعت السلطات أصحاب المحال إلى احترام اللوائح والتقيّد بالآداب العامة، مشددة على رفض تشغيل النساء في أعمال تعرّضهن للتحرش أو الانتقاص من كرامتهن.
انتعاش الحركة المسرحية والسينمائية في ليبيا رغم التحديات