14 مايو 2025

منظمة العفو الدولية تطالب تونس بالإفراج عن مدافعين عن حقوق الإنسان محتجزين منذ أكثر من عام لدعمهم اللاجئين، وترتبط الاعتقالات بتشديد الخناق على المجتمع المدني وسط تصاعد خطاب الكراهية ضد الأجانب.

دعت منظمة العفو الدولية، اليوم، السلطات التونسية إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان والعاملين في المنظمات غير الحكومية والمسؤولين المحليين السابقين، الذين يقبعون في الاحتجاز التعسفي منذ أكثر من عام بسبب دعمهم للاجئين والمهاجرين.

وأكدت المنظمة أن هذه الحملة القمعية تأتي في إطار هجوم أوسع تستهدَف به منظمات المجتمع المدني في تونس، مشيرةً إلى أنها تزامنت مع تصاعد خطاب الكراهية ضد الأجانب، مما أدى إلى تقييد وصول المساعدات الإنسانية الحيوية للاجئين والمهاجرين بشكل كبير.

منذ مايو 2024، قامت السلطات التونسية بمداهمة مقرات ثلاث منظمات غير حكومية على الأقل كانت تقدم مساعدات إنسانية للاجئين والمهاجرين، واعتقلت ثمانية من العاملين فيها بالإضافة إلى مسؤولين محليين سابقين تعاونوا معهم.

كما فُتحت تحقيقات جنائية ضد 40 شخصاً آخرين على خلفية عملهم في منظمات تدعم اللاجئين والمهاجرين بشكل قانوني.

وقالت سارة حشاش، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “من الصادم أن يقضي هؤلاء المدافعون عن حقوق الإنسان أكثر من عام في السجن لمجرد تقديمهم المساعدة للاجئين والمهاجرين في أوضاع إنسانية صعبة”، وأضافت: “ما كان يجب اعتقالهم أساساً، ويجب الإفراج عنهم فوراً وإسقاط جميع التهم الموجهة إليهم”.

وفي 3 و4 مايو 2024، اعتقلت الشرطة التونسية مصطفى جمالي وعبد الرزاق كريمي، المدير التنفيذي ومدير المشروع في “المجلس التونسي للاجئين”، وهي منظمة تعمل بالشراكة مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لتسجيل طالبي اللجوء وتقديم الدعم الأساسي لهم.

ولا يزال الاثنان رهن الاحتجاز بتهم تتعلق بـ”مساعدة أجانب على الدخول غير القانوني” و”إيوائهم”، رغم أن هذه الممارسات جزء من عملهم الإنساني المشروع.

وفي الفترة من 7 إلى 13 مايو 2024، اعتقلت السلطات شريفة الرياحي وعياض البوسالمي ومحمد جوعو، وهم مسؤولون في جمعية “أرض اللجوء – مكتب تونس”، التابعة لمنظمة فرنسية تعمل في مجال حماية اللاجئين.

ووجهت إليهم تهم مماثلة تتعلق بإيواء مهاجرين بشكل غير قانوني، رغم أنهم كانوا يقدمون مساعدات إنسانية مشروعة.

كما استهدفت السلطات إيمان الورداني، نائبة رئيس بلدية سوسة السابقة، واتهمتها باستغلال منصبها لتسهيل إيواء اللاجئين، مما أدى إلى احتجازها منذ مايو 2024.

أشارت منظمة العفو الدولية إلى أن الاحتجاز التحفظي يجب أن يكون إجراءً استثنائياً وفقاً للمعايير الدولية، وأنه لا يوجد ما يبرر استمرار احتجاز هؤلاء الأفراد دون تقديم أدلة كافية على ارتكابهم جرائم.

وأكدت حشاش أن “تقديم المساعدة للاجئين والمهاجرين – بغض النظر عن وضعهم القانوني – حقٌ مكفولٌ بموجب القانون الدولي، ولا يجوز اعتباره تهريباً للبشر”.

وتزامنت هذه الاعتقالات مع تصريحات من مسؤولين تونسيين، بينهم الرئيس قيس سعيّد، الذي وصف العاملين في منظمات دعم اللاجئين بـ”الخونة” و”العملاء الأجانب”، مدعياً أنهم يسعون إلى “توطين المهاجرين” في تونس.

كما أدت هذه الحملة إلى تجميد حسابات منظمات إنسانية وتعطيل خدمات حيوية مثل طلبات اللجوء والإيواء والرعاية الصحية، مما ترك آلاف اللاجئين – بمن فيهم أطفال غير مصحوبين – في أوضاع خطيرة.

ولا تقتصر الحملة على منظمات دعم اللاجئين، بل تشمل أيضاً منظمات أخرى مثل “منامتي” المناهضة للعنصرية و”جمعية أطفال القمر” في مدنين، حيث يواجه موظفوها تحقيقات بتهم مالية غير مدعومة بأدلة.

واختتمت حشاش بالقول: “يجب على السلطات التونسية الكف فوراً عن تجريم العمل الحقوقي والإنساني، وإنهاء سياسة استهداف المجتمع المدني وتشويه سمعته”.

تعود جذور الأزمة إلى خطاب الرئيس سعيّد في فبراير 2023، الذي شهد تصاعداً في الخطاب ضد المهاجرين الأفارقة.

ومنذ ذلك الحين، كثفت السلطات عمليات الإخلاء القسري والترحيل غير القانوني إلى ليبيا والجزائر، بينما تستمر في تقييد عمل المنظمات الحقوقية تحت ذرائع أمنية ومالية.

“إيحاءات جنسية ودعوة للتحرّش”.. إعلان تجاري يثير الجدل في تونس

اقرأ المزيد