15 مايو 2025

جدل حاد في الأوساط المصرية حول قضايا الميراث والمساواة بين الجنسين، بعد تصريحات مثيرة أطلقها أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، الدكتور سعد الدين الهلالي، تحدث فيها عن إمكانية تعديل قواعد الميراث شرعا وقانونا عبر “إرادة شعبية”، وهو ما قوبل برفض واسع ورد فعل صارم من مؤسسة الأزهر.

وفتحت تصريحات الهلالي، التي أدلي بها في لقاء تلفزيوني، الباب أمام نقاش محتدم، حين قال إن “الأسرة يمكنها أن تتفق على توزيع الميراث بما يرضيها، كما يمكن للدولة أن تستفتي الشعب في المساواة بين الرجل والمرأة في الإرث، وهذا أمر لا يعارضه الشرع”.

وأضاف أن “الميراث ليس فرضا تعبدا كالزكاة أو الصلاة، بل حق تنظمه الحاجة والظروف المجتمعية”، في طرح اعتبره مراقبون خروجا عن الثوابت الفقهية المتعارف عليها.

وأصدر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بيانا شديد اللهجة، وصف فيه هذه التصريحات بأنها “اجتزاء للنصوص الشرعية، واستغلال للمنابر الإعلامية في تمرير أفكار منحرفة تمهد الطريق للفكر التكفيري والفوضى المجتمعية”.

وحذّر البيان من محاولات “إنتاج تدين شخصي أو صناعة قانون فردي”، مؤكدا أن “المواريث منصوص عليها في القرآن الكريم بأحكام قطعية لا تقبل الاجتهاد أو التعديل”، وأن أي دعوة لتعديلها “تعد افتئاتا على الشرع وعلى اختصاصات ولي الأمر، ومساسا بالاستقرار الفكري والدستوري للدولة”.

وشدّد الأزهر في بيانه على أن “اختلاق صراع وهمي بين الفقه الإسلامي والقانون المدني يُعد إحدى الأدوات التي استخدمها المتطرفون لتبرير العنف، وتكفير المجتمع، والطعن في الشريعة”، محذرا من أن “تفسير أولي الأمر بالشعب لتبرير التعدي على الأحكام الشرعية، يُمثل شذوذا فقهيا وتأويلا باطلا للنصوص الدينية”.

ولم يتوقف الجدل عند حدود المؤسسة الدينية، بل اجتاح وسائل التواصل الاجتماعي ودوائر الرأي العام، حيث قال النائب البرلماني عمرو درويش: “المواريث خط أحمر.. القانون المصري مستمد من الشريعة، وليس مجالا للمساومات أو الاجتهادات الفردية تحت شعار الحريات”.

وفي السياق ذاته، أثارت منشورات داعية معروف جدلا آخر بشأن الهبات أثناء الحياة، حيث أشار إلى أن “كتابة الأملاك للبنات دون بقية الورثة الأحق شرعا هو تحايل”، لترد إحدى المدونات قائلة: “الهبة أثناء الحياة لا تخضع لقواعد المواريث، هي تصرف شخصي ما دام الإنسان حيا”.

أما وكيل الأزهر السابق الدكتور عباس شومان، فدخل بدوره على خط الجدل، متسائلا بحدة: “إذا جاز للرجل أن يكتب ماله كله لبناته، فهل يُقبل منه أن يكتبه لأبنائه الذكور ويحرم البنات؟! إذا قبلتم الأول، فاقبلوا الثاني! وهذا لم يقله أحد من العلماء، بل هو عبث بمقاصد الشرع”.

يذكر أن هذه السجالات تتكرر في مصر من حين لآخر، ما يعكس احتدام النقاش بين تيارين متعارضين: أحدهما يدعو لتأويل الشريعة بما يتوافق مع متغيرات العصر، وآخر يتمسك بثوابت النص القرآني كمرجعية مطلقة في مسائل الأحوال الشخصية، وعلى رأسها الميراث.

إلغاء حفل تكريم الفنانة ذكرى يثير جدلاً واسعاً في تونس

اقرأ المزيد