زيارة السفينة الحربية الأمريكية “يو إس إس ماونت ويتني” لمينائي طرابلس وبنغازي تشير إلى تدخل أمريكي متزايد في ليبيا، حيث تخطط واشنطن لتشكيل قيادة موحدة لدفع العملية الانتخابية، وسط جهود توحيد السلطات والمؤسسات الليبية.
تشير التطورات الأخيرة في الساحة الليبية إلى دخول الولايات المتحدة الأمريكية مرحلة جديدة من التدخل المباشر في الشأن الليبي، حيث شكلت زيارة السفينة الحربية الأمريكية “يو إس إس ماونت ويتني” لمينائي طرابلس وبنغازي مؤشراً واضحاً على عزم واشنطن لعب دور أكثر فاعلية في الأزمة الليبية المستمرة منذ سنوات.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن الإدارة الأمريكية تعمل حالياً على وضع اللمسات الأخيرة لخطة سياسية وعسكرية شاملة تهدف إلى إخراج ليبيا من المأزق الحالي.
وتتركز هذه الخطة التي ما زالت قيد الصياغة على تشكيل قيادة سياسية وعسكرية موحدة تكون قادرة على قيادة البلاد نحو استحقاقات انتخابية، رغم أن هذه الانتخابات تبدو بعيدة المنال في المدى القريب.
وتجري النقاشات حالياً حول إمكانية تشكيل “مجلس عسكري” أو “هيئة تنسيق عسكرية” تضم قيادات بارزة من شرق ليبيا وغربها، وذلك تحت الإشراف الأمريكي المباشر.
وتهدف هذه الهيئة إلى توحيد المؤسسة العسكرية الليبية المنقسمة، وضمان تنفيذ مرحلة انتقالية تشمل أيضاً توحيد السلطات التنفيذية والمؤسسات الحكومية.
ومن المتوقع أن تبدأ هذه المرحلة بانتخاب برلمان جديد يتكون من غرفتين، يليه لاحقاً انتخاب أول رئيس للبلاد منذ سقوط نظام معمر القذافي.
ويأتي هذا التحرك الأمريكي تزامناً مع استعدادات لزيارة مرتقبة يقوم بها صدام حفتر، نجل قائد ما يسمى “الجيش الوطني الليبي”، إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، حيث من المقرر أن يلتقي مسؤولين كبار في المؤسستين العسكرية والاستخباراتية الأمريكية.
كما تتداول مصادر موثوقة معلومات عن زيارتين منفصلتين قادمتين لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح إلى الولايات المتحدة.
وعلى الصعيد الاقتصادي، كشف محافظ مصرف ليبيا المركزي عن وساطة يقوم بها بين حكومتي طرابلس وشرق ليبيا لتنفيذ إصلاحات اقتصادية أوصى بها صندوق النقد الدولي.
وتشمل هذه الإصلاحات إقرار موازنة موحدة للدولة لأول مرة منذ سنوات، وذلك بعد تعاقد المصرف المركزي مع شركة أمريكية متخصصة في استشارات المخاطر المالية لمراقبة التدفقات النقدية والتدقيق المالي.
من جانبها، أكدت السفارة الأمريكية في ليبيا أن زيارة السفينة الحربية “يو إس إس ماونت ويتني” تأتي في إطار تعزيز التعاون الثنائي في المجالات الأمنية والدفاعية.
وكان على متن السفينة وفد رفيع المستوى ضم كلاً من قائد الأسطول السادس الأمريكي الأدميرال جيه تي أندرسون، والمبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، والقائم بأعمال السفارة الأمريكية جيريمي برنت.
وقد عقد الوفد سلسلة لقاءات مع مسؤولين ليبيين لمناقشة سبل دعم جهود توحيد المؤسسة العسكرية الليبية.
وفي تعليق على هذه التطورات، أكد رئيس الائتلاف الليبي-الأمريكي فيصل الفيتوري أن زيارة السفينة الأمريكية تمثل خطوة إيجابية واستراتيجية في تعزيز الشراكة بين البلدين.
وأوضح الفيتوري أن هذا التواصل رفيع المستوى بين القيادات العسكرية والمدنية من الجانبين يعكس جدية الالتزام الأمريكي تجاه ليبيا في هذه المرحلة الحساسة.
أما المحلل السياسي الليبي محمد محفوظ، فقد رأى أن هذه الزيارة تحمل رسالة واضحة بعودة الاهتمام الأمريكي بالملف الليبي، معتبراً أن هذا التدخل قد يسهم في تقليص نفوذ الأطراف الإقليمية والدولية الأخرى في ليبيا.
وأشار محفوظ إلى وجود حراك أمريكي مكثف على عدة مستويات سياسية وعسكرية واقتصادية، بما في ذلك الاجتماعات مع قادة المصرف المركزي الليبي، معرباً عن تفاؤله بأن يشكل هذا الاهتمام الأمريكي المتجدد دافعاً لإجراء الانتخابات المنتظرة في ليبيا.
ارتفاع واردات ليبيا من الفحم البرازيلي بنسبة 60% في 2024