14 مايو 2025

الحكومة الجزائرية صعّدت لهجتها تجاه ما وصفته بـ”الانزلاقات الإعلامية” في بعض برامج كرة القدم على القنوات الخاصة، متهمة إياها بترويج خطاب يحضّ على الكراهية والانقسام.

وأصدرت وزارة الاتصال مذكرة رسمية خاطبت فيها وسائل الإعلام، مهددة بتفعيل مواد “قانون الوقاية من الكراهية والتمييز” الصادر عام 2020، في خطوة تعكس قلقاً رسمياً من التأثير المتزايد للإعلام الرياضي على الشارع.

ودعت إلى التوقف عن استخدام منصات التواصل الاجتماعي والصفحات الإلكترونية لنشر ما وصفته بـ”الخطاب التحريضي”، محذّرة من البرامج “السطحية” التي تعتمد على الإثارة والانفعال لجذب الجمهور، ومطالبة برفع مستوى الخطاب بما يليق بـ”جمهور راق يفرز مناخاً يسوده التعايش والمودة”.

وحثت الوثيقة، التي وقّعها وزير الاتصال محمد لعقاب مزيان، أيضاً إلى احترام الحياة الخاصة للاعبين والمدربين والحكام، ومنع التشهير بهم أو تمرير رسائل غير موضوعية عبر البرامج الرياضية، مشددةً على ضرورة الالتزام بـ”الطابع الوطني الموحّد” للرياضة.

كما لفتت إلى خطورة استخدام المؤثرات البصرية والموسيقى التصويرية والعناوين المبالغ فيها بهدف إثارة الجمهور، ودعت إلى اعتماد خطاب إعلامي “هادئ، مسؤول وواقعي”.

وحمّلت الوزارة الجهات الإعلامية المضيفة المسؤولية الكاملة عن أي تجاوزات أو انحرافات تصدر عن ضيوفها، مطالبة الضيوف والمحللين بالتقيّد بميثاق أخلاقيات المهنة، وتجنّب السلوكيات الاستفزازية أو العدوانية، كما شدّدت على أهمية التحقق من دقة الأخبار والمصادر قبل النشر، للحد من الشائعات والفتن.

وفي السياق ذاته، حذّر الوزير من الترويج المتكرر للصور السلبية كالعنف والشغب، داعياً إلى التركيز على الجوانب الإيجابية في الرياضة، مثل المنافسة النزيهة والتلاحم الوطني، لما في ذلك من دور في تحسين صورة البلاد داخلياً وخارجياً.

وأشارت المذكرة إلى سعي رسمي لتطوير المشهد الإعلامي الرياضي وتعزيزه، وذلك “تجنّباً لأي انزلاق أو احتقان يهدد استقرار الإعلام الرياضي”، خصوصاً في ظل ظروف إقليمية متوترة تعيشها الجزائر.

وتأتي هذه المذكرة الحكومية بعد إجراءات ردعية اتخذتها “سلطة ضبط السمعي البصري”، من بينها إيقاف برنامج رياضي على قناة “النهار” لمدة ثلاثة أسابيع، بسبب عبارات عنصرية واتهامات بمسّ كرامة لاعب من منطقة جنوب الصحراء.

كما وجّهت توبيخاً لبرنامج آخر على قناة “الهداف” بسبب ما وصفته بـ”تجاوزات مهنية”، في إشارة إلى تصريحات مثيرة للجدل من اللاعب الدولي السابق علي بن شيخ، الذي اتهم حكاماً ومسؤولين كرويين بالرشوة.

وتزامن هذا التصعيد مع إعلان الاتحاد الجزائري لكرة القدم، يوم 22 أبريل، منع جماهير الفرق من التنقل إلى الملاعب لبقية الموسم، على خلفية مقتل مشجع لنادي مولودية الجزائر بعد أحداث شغب عنيفة عقب مباراة أمام اتحاد بسكرة، وتشير تصريحات مسؤولي الاتحاد إلى تحميل بعض البرامج الإعلامية جزءاً من المسؤولية، لما تبثه من “خطاب يشحن الجماهير”.

وتستند التحذيرات الرسمية إلى قانون “الوقاية من التمييز وخطاب الكراهية” الذي أُقر في 2020 بمبادرة من الرئيس عبد المجيد تبون، ويتيح فرض عقوبات بالسجن تصل إلى 7 سنوات على من يروّج لخطاب الكراهية أو العنصرية.

وقد جاء هذا القانون في خضم جدل سياسي واسع ونقاشات حادة داخل الحراك الشعبي، حيث سعى إلى وضع حدود قانونية لما يُنشر عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل.

ويربط مراقبون بين هذا التوجه وبين حالات قضائية سابقة، مثل محاكمة كاتب السيناريو رابح ظريف بعد منشور وصف فيه شخصية من رموز الثورة بالخيانة، في نزاع أيديولوجي واسع مع المخرج بشير درايس.

وتشير العبارة الواردة في المذكرة حول “هذا التوقيت تحديداً” إلى شعور رسمي بوجود تهديد خارجي محتمل، في ظل توترات إقليمية مع دول مجاورة أبرزها المغرب ومالي، ما يفسّر رغبة السلطات في إحكام السيطرة على الخطاب الإعلامي بجميع أشكاله.

الجزائر.. خبراء أمميون يطالبون بإلغاء الحكم “التعسفي” ضد الفنانة جميلة بن طويس

اقرأ المزيد