دراسة من “مجموعة الأزمات الدولية” تحذر من تصاعد التوتر بين الجزائر ومالي بعد إسقاط طائرة مسيرة مالية. أكدت الدراسة غياب التنسيق الحدودي، مما يزيد خطر الحوادث، حيث يعوق توتر العلاقات الحوار السياسي ويفتح المجال للتطرف المسلح.
كشفت دراسة حديثة أعدتها منظمة “مجموعة الأزمات الدولية” غير الحكومية عن مخاطر تصاعد التوتر العسكري بين الجزائر ومالي، محذرة من أن سيناريو التصعيد “لا ينبغي الاستهانة به” في ظل استمرار الخلافات الحادة بين البلدين الجارين.
وجاءت هذه التحذيرات في أعقاب حادثة إسقاط القوات الجوية الجزائرية لطائرة مسيرة مالية مطلع أبريل الجاري قرب الحدود المشتركة.
وأوضحت الدراسة أن غياب آليات التنسيق بين البلدين يزيد من خطر وقوع حوادث حدودية، خاصة مع استمرار القوات المسلحة المالية في عملياتها العسكرية ضد الجماعات المسلحة في شمال مالي المتاخم للحدود الجزائرية.
وأشار التقرير إلى أن الوضع الحالي على الحدود البالغ طولها 900 كيلومتر قد يؤدي إلى انتهاكات ترابية أو ضربات عرضية تستهدف مدنيين أو عسكريين.
وتناولت الدراسة بالتفصيل حادثة وقعت في يوليو 2024، عندما واجهت القوات المالية عناصر من “جبهة تحرير أزواد”، مما أسفر عن مقتل عدة مدنيين بينهم منقبون عن الذهب من النيجر وتشاد والسودان.
حذرت الدراسة من أن تدهور العلاقات بين البلدين يقلص فرص إعادة إطلاق الحوار السياسي بين حكومة مالي وممثلي حركات أزواد، مما يضعف احتمالات تحقيق الاستقرار الدائم في البلاد.
وأبرز التقرير الدور التاريخي للجزائر في عمليات السلام بالمنطقة، مشيراً إلى أن الجزائر كانت تمتلك حتى وقت قريب قدرة كبيرة على التأثير في الجماعات الانفصالية الناشطة في شمال مالي.
وجاء التصعيد الحالي بعد إعلان السلطات المالية في مطلع 2024 انسحابها من اتفاق السلام الموقع عام 2015، والذي تم توقيعه في الجزائر مع المعارضة الطارقية.
واتهمت مالي الجزائر بـ”التدخل في شؤونها الداخلية”، في خطوة فتحت الباب لموجة غير مسبوقة من التوتر بين الجارتين.
أكدت الدراسة أن تجميد اتفاق السلام وتوقف دور الجزائر كوسيط قد يدفع بعض الفصائل المسلحة نحو التطرف، مع احتمال تحالفها مع الجماعات الإرهابية أو اعتمادها لأساليب عسكرية أكثر خطورة على المدنيين، مثل استخدام العبوات الناسفة.
ويرى المحللون أن التوتر الحالي يأتي في سياق تصاعد التفتت السياسي في غرب إفريقيا والمغرب العربي، حيث تفاقمت الخلافات بين تحالف دول الساحل والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، بالإضافة إلى تجدد التوتر بين الجزائر والمغرب.
وحذر التقرير من أن هذه الانقسامات قد تستغلها الجماعات المتطرفة لتعزيز نفوذها وقدراتها، مما يهدد استقرار المنطقة بأكملها.
في تفاصيل الحادثة الأخيرة، أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية في 1 أبريل تدمير طائرة استطلاع مسيرة ومسلحة قرب بلدة تين زواتين الحدودية، مشيرة إلى اختراقها المجال الجوي الجزائري لمسافة كيلومترين.
بينما أكد الجيش المالي تحطم إحدى طائراته في المنطقة نفسها، وفتح تحقيقاً لتوضيح ملابسات الحادث.
ورداً على الحادثة، نددت الحكومة المالية في 6 أبريل بما وصفته بعمل “عدائي متعمد” من الجزائر، زاعمة أنه حال دون تنفيذ ضربة ضد جماعات مسلحة.
من جانبه، رفض وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف وصف عناصر أزواد بـ”الإرهابيين”، معتبراً إياهم “طرفاً سياسياً في الأزمة”.
اقترحت الدراسة اللجوء إلى وسيط دولي لبدء عملية تهدئة، معتبرة أن الاتحاد الإفريقي في موقع مناسب لقيادة مثل هذه المبادرة.
وأوصت بأن يتولى الرئيس الأنغولي جواو لورينسو، الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، متابعة الملف وتعيين وسيط رفيع المستوى.
كما أشار التقرير إلى إمكانية تدخل شركاء دوليين مثل روسيا وقطر، الذين يتمتعون بنفوذ في كلا البلدين، للمساعدة في حل الخلاف.
وأكدت الدراسة أن مشاركة هذه الأطراف قد تعزز مصداقية أي جهد إفريقي لحل الأزمة، وتؤكد مبدأ “الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية”.
ضبط شخص تشادي ينتحل هويات ليبية لتزوير وثائق