15 مايو 2025

الحرب في السودان التي أكملت عامها الثاني أدت إلى نزوح 3.8 ملايين لاجئ إلى الدول المجاورة، ما خلق أزمة إنسانية حادة بسبب نقص الغذاء والمياه والرعاية الصحية، وتتوقع الأمم المتحدة أن يرتفع هذا العدد بمليون آخر خلال عام 2025.

كشف موقع “آول آفريكا” الإخباري المتخصص في الشؤون الإفريقية عن تقريراً مفصلاً عن الحرب الدائرة في السودان والتي أكملت عامها الثاني يوم الثلاثاء الموافق الخامس عشر من شهر أبريل نيسان عام 2025، حيث أكد التقرير أن آثار هذا الصراع الدامي لم تبق محصورة داخل الحدود السودانية بل امتدت تداعياتها لتهدد استقرار دول الجوار.

وأفاد التقرير بأن المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع تشهد تصاعداً خطيراً في الوقت الراهن، مما أدى إلى تفاقم الأزمات الإنسانية الناجمة عن الحرب سواء داخل السودان أو في الدول المحيطة به.

ونقل التقرير تصريحات المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة فيليبو غراندي التي أدلى بها خلال شهر فبراير شباط الماضي، والتي حذر فيها من أن ثلث سكان السودان أصبحوا نازحين، مؤكداً أن تداعيات هذه الحرب الوحشية وغير المبررة تتجاوز بكثير الحدود السودانية.

وكشف الموقع الإخباري عن وصول عدد اللاجئين السودانيين الذين عبروا الحدود إلى الدول المجاورة إلى نحو ثلاثة ملايين وثمانمائة ألف لاجئ، مما خلق أزمة إنسانية غير مسبوقة، حيث يعيش معظم هؤلاء اللاجئين في ظروف بالغة الصعوبة يعانون فيها من نقص حاد في الغذاء والمياه الصالحة للشرب والرعاية الصحية الأساسية.

وتتوقع الأمم المتحدة أن يزداد هذا العدد بمليون لاجئ إضافي خلال العام الجاري 2025.

ويذكر أن دول الجوار السوداني كانت تعاني أصلاً من أزمات حادة بسبب موجات النزوح المتتالية التي سبقت اندلاع الحرب الحالية في أبريل نيسان عام 2023، خاصة في ظل استمرار الأزمات الإنسانية منذ بداية نزاع دارفور عام 2003.

وتحمل هذه الدول عبئاً ثقيلاً نتيجة استضافتها لأعداد هائلة من اللاجئين والنازحين داخلياً، بينما تعاني برامجها الإنسانية من عجز كبير في التمويل.

كما أن اللاجئين الفارين من السودان يصلون في كثير من الأحيان إلى مناطق نائية يصعب على المنظمات الإنسانية الوصول إليها.

وأبرز التقرير أن جمهورية تشاد وجمهورية مصر العربية تأتيان في مقدمة الدول المستقبلة للاجئين السودانيين، حيث تستضيف مصر ما يقارب ستمائة ألف لاجئ سوداني، بينما سجلت تشاد وجود أكثر من سبعمائة ألف لاجئ، مع توقعات حكومية تشادية بأن يقترب هذا العدد من مليون لاجئ مع نهاية عام 2025.

وأوضح الموقع أن دول الجوار تواجه تحديات جسيمة في تلبية الطلب المتزايد على الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم.

وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن تدفق اللاجئين أدى إلى إرباك الأنظمة الصحية في تشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان، في ظل النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية والكوادر الصحية المؤهلة.

كما أضاف التقرير أن عدم وضوح حجم الدعم المالي المتوقع من الدول المانحة هذا العام زاد من حالة عدم اليقين.

وعلى سبيل المثال، اضطرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى تعليق جميع العلاجات الطبية للاجئين السودانيين في مصر، بما في ذلك العمليات الجراحية لمرضى السرطان والقلب وعلاجات الأمراض المزمنة، مما أثر سلباً على حياة نحو عشرين ألف مريض.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد حذرت العام الماضي من أن الوضع في السودان يقترب من ما وصفته بـ”العاصفة المثالية”، بسبب الانهيار الكامل لنظام الرعاية الصحية، وتكدس السكان في مناطق مكتظة تفتقر إلى المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي والغذاء والخدمات الأساسية.

وأدى تدهور البنية التحتية الصحية في السودان إلى انتشار الأوبئة والأمراض، التي انتقلت بدورها إلى الدول المجاورة، خاصة في مخيمات اللاجئين الذين أصبحوا أكثر عرضة للإصابة بالأمراض بسبب الانخفاض الكبير في معدلات التطعيم في السودان.

وسجلت المنظمات الإنسانية زيادة ملحوظة في حالات الأمراض مع مخاوف جدية من تفشي الأوبئة، خاصة في المناطق الحدودية ومراكز إيواء النازحين.

وتطرق التقرير إلى قضية انعدام الأمن، مشيراً إلى أن مصر وليبيا وتشاد وجنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا وجمهورية إفريقيا الوسطى كانت تواجه أصلاً أزمات داخلية متعددة مثل النزاعات المسلحة وانتشار المجاعات والأمراض، قبل اندلاع الحرب في السودان.

وساهم الصراع السوداني في تفاقم العنف وعدم الاستقرار في المناطق الحدودية، حيث تم رصد اشتباكات مسلحة عابرة للحدود.

وفي تشاد، أدى تدفق الأسلحة وانتشار الجماعات المسلحة إلى ارتفاع معدلات العنف، بينما أفادت تقارير بتحالف جماعة مسلحة من جنوب السودان مع قوات الدعم السريع داخل الأراضي السودانية.

وأكد التقرير استخدام العنف الجنسي كأداة حرب في هذا الصراع، مما يعرض ملايين الأطفال للخطر، ويضطر العديد من النساء والفتيات إلى الفرار من منازلهن خوفاً من هذا العنف، ليواجهن مخاطر إضافية خلال رحلة النزوح سواء داخل السودان أو عند عبور الحدود، في ظل النقص الحاد في خدمات الرعاية الصحية والدعم النفسي.

ونقل التقرير عن منظمة اليونيسيف تصريحات في مارس آذار الماضي أفادت فيها بأن الفتيات النازحات غالباً ما ينتهي بهن المطاف في مواقع نزوح غير رسمية تفتقر إلى أبسط المقومات، حيث يكون خطر التعرض للعنف الجنسي مرتفعاً جداً.

ومن بين حالات الاغتصاب المبلغ عنها للأطفال، كانت نسبة 66% من الضحايا من الفتيات.

أما الفتيان، فيواجهون معاناة خاصة مرتبطة بالوصمة الاجتماعية، مما يجعل عملية الإبلاغ عن الاعتداءات الجنسية والحصول على المساعدة أمراً بالغ الصعوبة.

وبشكل مروع، كشف التقرير عن وجود 16 ضحية من الأطفال الذين لم يتجاوزوا سن الخامسة، بينهم أربعة أطفال رضع لم تزد أعمارهم عن سنة واحدة.

وتناول التقرير تأثيرات الصراع على طرق التجارة، حيث أدت الحرب في السودان إلى تعطيل خطوط التجارة والأنشطة الاقتصادية، مما أثر سلباً على مصادر الدخل للسكان في الدول المجاورة، وزاد من معدلات الفقر والمعاناة الاقتصادية.

ففي إثيوبيا ومصر، أدت القيود الحدودية وانتشار انعدام الأمن في الممرات التجارية إلى ارتفاع تكاليف النقل وانخفاض حاد في الحركة الاقتصادية عبر الحدود، بينما أدى تدفق اللاجئين الكثيف في تشاد وجنوب السودان إلى تحويل الموارد بعيداً عن القطاعات الحيوية في الاقتصاد.

“وول ستريت جورنال”: إسرائيل تفاوض مصر لنشر أجهزة مراقبة واستشعار في محور فيلادلفيا

اقرأ المزيد