14 مايو 2025

لجنة حصر المباني في بنغازي تحذر من مخاطر 262 عمارة آيلة للسقوط بشرق ليبيا، وتنتقد تجاهل الحكومة لأزمة السكن الخطرة، ويصفها الناشط عقيلة الأطرش بـ”مساكن الموت البطيء”، مطالبًا بحلول عاجلة قبل وقوع كوارث جديدة.

كشفت لجنة حصر وتقييم المباني المتضررة في مدينة بنغازي الليبية عن استمرار المخاطر الجسيمة التي تشكلها العمارات الآيلة للسقوط في عدة مناطق ليبية، دون أن تُتخذ أي إجراءات عملية أو خطوات رسمية لإنقاذ حياة السكان المهددين.

وأعلنت اللجنة مؤخراً تصنيف 262 مبنى في أربع مناطق شرق ليبيا، وهي بنغازي والمرج وسلوق وأوجلة، على أنها “غير آمنة وتشكل خطراً داهماً على حياة السكان”.

ويأتي هذا الإعلان بعد أشهر فقط من انهيار عمارة سكنية مكونة من ثلاثة طوابق في منطقة جنزور غرب طرابلس مطلع نوفمبر الماضي، مما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص وإصابة عشرة آخرين.

في الأسبوع نفسه، أطلقت بلدية بنغازي إنذاراً عاجلاً بشأن عمارة سكنية مكونة من سبعة طوابق في منطقة سيدي حسين، مشيرة إلى أن تسرب مياه الصرف الصحي من المواسير المتهالكة أدى إلى تآكل الخرسانة وحديد التسليح في الأعمدة والأسقف، مما جعل المبنى “خطراً محدقاً” بحياة قاطنيه.

وتندرج هذه الحوادث ضمن سلسلة متلاحقة من التحذيرات بشأن مخاطر المباني المتهالكة في ليبيا.

ففي نهاية ديسمبر 2023، ناشدت بلدية طرابلس حكومة الوحدة الوطنية “إيجاد حلول جذرية” لأزمة المباني الآيلة للسقوط في أحياء الظهرة وعمر المختار وميدان الشهداء وبلخير، وسط العاصمة، حيث تم اكتشاف 60 عقاراً جديداً يضاف إلى 560 عقاراً جرى حصرها عام 2018.

وجاء هذا الإعلان بعد عام من انهيار عمارتين في أحياء الرشيد وبلخير بطرابلس، راح ضحية إحداهما قتيل، فيما نجا سكان الأخرى، دون أي تحرك رسمي لمنع تكرار الكارثة.

ووصف الناشط الحقوقي والمدني عقيلة الأطرش إعلان لجان الحصر في بنغازي عن أعداد جديدة من المباني الخطرة بأنه “سينضم إلى سلسلة التجاهل” التي تنتهجها الحكومات المتعاقبة.

وقال في حديث لـ”العربي الجديد”: “لا نحتاج لتوضيح حكومي حول مدى اهتمامها بأرواح السكان، فزيارة بسيطة لأحياء الظهرة وبلخير تكفي لرؤية أن الناس ما زالوا يسكنون هذه العمارات رغم كل التحذيرات منذ 2018”.

وأضاف الأطرش أن الحكومة في بنغازي ستتعامل مع الإعلان الأخير عن المباني الخطرة بنفس النهج المتجاهل، ولن يتعدى الأمر تقارير الحصر دون تنفيذ الإجراء الأهم وهو الإخلاء العاجل.

ووصف تلك المباني بـ”مساكن الموت البطيء”، ليس فقط بسبب خطر الانهيار المفاجئ، بل أيضاً بسبب الظروف الصحية الكارثية الناتجة عن الرطوبة العالية وتسرب مياه الصرف الصحي، مما يعرض السكان، وخاصة الأطفال، لأمراض خطيرة.

وأشار الأطرش إلى تناقض صارخ بين الميزانيات الضخمة التي تعلن عنها الحكومة لمشاريع الإعمار والتنمية، وبين تزايد أعداد المباني الآيلة للسقوط وغياب أي استراتيجية للتعامل مع الكوارث المحتملة.

واستشهد بحادثة انهيار عمارة جنزور، حيث “اضطر الجيران أنفسهم إلى إنقاذ المصابين وتوفير جرافات لرفع الركام، بينما تقاعست الجهات الرسمية عن التدخل الفعال”.

وربط الأطرش بين تفشي هذه الظاهرة وفساد المسؤولين، متسائلاً: “أين مشاريع الإعمار التي تُنفق عليها المليارات؟ بينما في بنغازي نفسها، يعيش الناس في عمارة سيدي حسين تحت تهديد الموت كل يوم”.

وأكد أن الأزمة تعكس معاناة المواطنين من أزمة سكن حادة، مضيفاً: “لو توافرت بدائل، لما بقي الناس في هذه المساكن الخطرة. لكن المسؤولين يهتمون بالمشاريع الضخمة التي تخدم صورهم الإعلامية، وليس بحل مشاكل الناس الحقيقية”.

مع استمرار تجاهل الجهات الرسمية، يطالب نشطاء ومنظمات مجتمع مدني بتحرك عاجل لإخلاء المباني الخطرة وتوفير سكن آمن للسكان، قبل أن تقع كوارث جديدة تذهب ضحيتها أرواح أبرياء.

وتزداد المخاوف مع اقتراب موسم الأمطار، الذي قد يزيد من مخاطر انهيار المباني المتضررة، في ظل غياب أي خطة طوارئ رسمية للتعامل مع هذه الأزمة الإنسانية المتفاقمة.

وزير التجارة التركي يزور ليبيا لتعزيز التعاون الاقتصادي

اقرأ المزيد