باحثون في ليبيا يعملون على ترميم 200 خريطة تاريخية، تحديات كبيرة تواجهم بسبب نقص الدعم الرسمي، حيث نجح الفريق بترميم 75 خريطة باستخدام أدوات بسيطة، وتوثق الخرائط مواقع أثرية مهمة بعضها لم يعد موجوداً.
يعمل فريق من الباحثين والأثريين الليبيين على ترميم مجموعة نادرة من الخرائط التاريخية التي تعود بعضها إلى منتصف القرن العشرين، في مسعى للحفاظ على الإرث الجغرافي والتاريخي لليبيا.
وتأتي هذه الجهود في ظل غياب الاهتمام الرسمي الكافي بقطاع الآثار منذ عام 2011، حيث تعاني المؤسسات المعنية من الإهمال بسبب الانقسامات السياسية والصراع على السلطة في البلاد الغنية بالنفط.
وقد واجه الفريق تحديات كبيرة في ترميم نحو 200 خريطة تاريخية، حيث تفتقر العملية إلى الدعم اللازم، مما جعل المهمة أشبه بـ”الإبحار في محيط دون أشرعة”، وفقاً للقائمين على المشروع.
ومع ذلك، تمكن باحثو “مراقبة آثار بنغازي”، وهي هيئة حكومية، من ترميم حوالي 75 خريطة من أصل 200، يعود بعضها إلى خمسينيات القرن الماضي، مستخدمين إمكانيات محدودة وأدوات بسيطة رغم الحاجة إلى تقنيات حديثة لضمان الدقة في الترميم.
ووصف عبدالله مفتاح، مراقب آثار بنغازي المكلف، هذه الخرائط بأنها “وثائق بالغة الأهمية”، مؤكداً أنها تمثل مرجعاً أساسياً لدارسي التاريخ والآثار في ليبيا.
وأوضح أن بعض الخرائط تظهر مواقع أثرية ومباني قديمة تم تصويرها جوياً خلال فترات الاحتلال الإيطالي وما بعده، مشيراً إلى أن بعض هذه المعالم اختفت أو تضررت بمرور الوقت.
من جانبه، أكد محمد عبدالله عمر التير، رئيس وحدة الترميم في مراقبة آثار بنغازي، أن عملية الترميم واجهت صعوبات كبيرة بسبب الإهمال الذي تعرضت له الخرائط لسنوات طويلة، وقال: “بعض الخرائط تم ترميمها باستخدام ممحاة وأدوات بسيطة، لكننا لم نحصل على أي دعم، سواء من الدولة أو من جهات خارجية”.
وأضاف أن من بين الخرائط التي تم ترميمها خريطة تعود إلى خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وتوثّق مواقع أثرية تعود إلى العصور الرومانية والإغريقية والبيزنطية والإسلامية، مشيراً إلى أن بعض هذه المواقع لم يعد موجوداً على أرض الواقع، مما يزيد من قيمة هذه الخرائط كمرجع تاريخي.
ويذكر أن ليبيا خضعت للاحتلال الإيطالي من عام 1911 حتى عام 1943، ثم قُسمت بعد الحرب العالمية الثانية إلى مناطق نفوذ بريطانية وفرنسية حتى حصولها على الاستقلال عام 1951، وتوثق بعض الخرائط التي يجري ترميمها هذه الفترات التاريخية الحساسة.
وأوضح منعم محمد منصور، رئيس قسم الشؤون الفنية في مراقبة آثار بنغازي، أن الفريق عثر على أكثر من 200 خريطة مهملة، تم ترميم حوالي 50 إلى 75 منها حتى الآن.
وأشار إلى أن العمل جارٍ على تصوير الخرائط بالماسح الضوئي بعد الانتهاء من ترميمها، لتكون متاحة للباحثين والمهتمين دون الحاجة إلى التعامل مع النسخ الورقية التي قد تتلف.
وأعرب منصور عن أسفه لعدم وجود متحف في بنغازي، رغم أنها ثاني أكبر مدينة في ليبيا وتضم مواقع أثرية مهمة، وقال: “بعد الانتهاء من ترميم الخرائط وأرشفتها، من المفترض أن تُعرض في متحف، لكن للأسف بنغازي تفتقر إلى مثل هذا الصرح الثقافي”.
وتُعد هذه الخرائط أداة حيوية للباحثين والمهندسين، حيث ستوفر وقتاً وجهداً كبيرين في دراسة المواقع الأثرية، كما ستسهم في الحفاظ على التراث الليبي للأجيال القادمة.
الأمن الداخلي الليبي يحبط محاولة تهريب 100 كغ من الذهب و1.5مليون يورو