15 مايو 2025

في تحوّل تاريخي غير مسبوق، أقر مجلس الوزراء الإثيوبي مشروع قانون جديد يسمح للأجانب بتملّك العقارات في البلاد، منهياً بذلك حظراً دام لعقود.

وأثارت الخطوة جدلاً واسعاً بين مؤيدين يرون فيها دفعة قوية للاقتصاد، ومعارضين يحذرون من مخاطر تمس السيادة الوطنية وتُفاقم أزمة السكن المحلية.

وجاء القرار خلال جلسة ترأسها رئيس الوزراء آبي أحمد، وشمل المصادقة على مجموعة من المشاريع ضمن حزمة إصلاحات اقتصادية تتبناها الحكومة، بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية، وتطوير البنية التحتية وقطاع الإسكان، وخلق فرص عمل في بلد يواجه تحديات اقتصادية كبيرة.

وأُحيل مشروع القانون إلى البرلمان للمراجعة والمصادقة، ويُعد من أبرز بنود خطة الانفتاح الاقتصادي التي تتبناها الحكومة الإثيوبية، والتي تشمل أيضاً خصخصة جزئية لبعض القطاعات الاستراتيجية، مثل الاتصالات والخدمات المالية.

ويُنظر إلى هذا القانون باعتباره كسراً لإرث سياسي دام لعقود، تأسس مع الثورة الإثيوبية في 1974 بقيادة منغستو هيلي ماريام، عندما تم تبنّي مبدأ “الأرض ملك للشعب”، والذي كرس سيطرة الدولة على الأراضي ومنع البيع والشراء العقاري، لا سيما للأجانب.

وقال الخبير الاقتصادي الإثيوبي وعضو مجلس إدارة إعادة إصلاح المؤسسات الاقتصادية، عبده جمال، في تصريح صحفي إن هذه الخطوة تمثل “تحولاً تاريخياً نحو الانفتاح على العالم”، مشيراً إلى أن الحكومة طرحت الملف العقاري من زاوية فلسفة اقتصاد السوق، في محاولة لمعالجة أزمة السكن، خاصة في أديس أبابا، وتشجيع تدفق الاستثمارات الأجنبية في مشاريع التطوير العمراني والبنية التحتية.

وأضاف جمال أن هذه السياسة يمكن أن تُسهم في خلق فرص عمل جديدة، وتعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي، خاصة وأن العقار يمثل أحد القطاعات الواعدة لجذب الاستثمارات طويلة الأجل، إلى جانب الإسكان والسياحة والخدمات.

ولكن في المقابل، تصاعدت أصوات معارضة عبّرت عن مخاوف حقيقية من تداعيات القرار، ويقول الخبير الاقتصادي إبراهيم عبد الرحمن إن فتح السوق العقاري أمام الأجانب قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار الأراضي والمنازل، مما يزيد من صعوبة امتلاك السكن لدى المواطنين، لا سيما في غياب سياسات إسكان اجتماعي واضحة.

وأشار عبد الرحمن إلى أن الانتقادات تتزايد من أطراف سياسية وأكاديمية ترى في القرار تهديداً محتملاً للسيادة الوطنية، خاصة في ظل استمرار النزاعات الداخلية والحدودية في بعض الأقاليم الإثيوبية، ما قد يعرّض البلاد لضغوط سياسية أو احتكاكات مجتمعية، إذا ما امتلك الأجانب أراض في مناطق حساسة.

وحذّر من أن هذه الخطوة، رغم ما تحمله من وعود اقتصادية، قد تكون “اختباراً لقدرة الدولة على تنظيم الانفتاح الاقتصادي دون تفريط في الحقوق الوطنية أو الوقوع في فخ المضاربة العقارية والاستيلاء غير المشروع”.

ويرى بعض المراقبين أن السوق العقاري في إثيوبيا لا يزال هشاً وضعيف التنظيم، ما يجعل من الانفتاح المفاجئ على الاستثمارات الأجنبية “مغامرة” إذا لم تُرفق بإصلاحات قانونية وهيكلية تحمي حقوق المواطنين وتضمن العدالة الاجتماعية.

وفي ظل هذا الجدل، يبقى مشروع القانون أمام اختبار البرلمان والمجتمع، فيما تأمل الحكومة أن يشكل هذا الانفتاح بداية مرحلة جديدة للنمو، وأن يساهم في معالجة الاختلالات الاقتصادية، دون أن يتحول إلى عبء اجتماعي أو تهديد للهوية والسيادة الوطنية.

نشاط تكتوني في محيط سدي الروصيرص والنهضة مع زيادة الهزات في إثيوبيا

اقرأ المزيد