14 مايو 2025

أغنية “يا قروية” تعود للواجهة في السودان، مثيرة موجة حنين جماعي بين السودانيين في الداخل والمهجر، وتعكس الأغنية القيم الاجتماعية وتبرز التباين بين حياة القرية والمدينة، ما يعيد الذكريات ويؤكد على قوة الفن في تجاوز الزمن.

في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها السودان بسبب الحرب، عادت أغنية “يا قروية” الأثرية لتتصدر المشهد الثقافي وتثير موجة من الحنين الجماعي بين السودانيين في الداخل والمهجر.

هذه الأغنية التي أنتجت بالأبيض والأسود في منتصف سبعينيات القرن الماضي، تحولت فجأة إلى ظاهرة على منصات التواصل الاجتماعي، بعد أن أعاد البروفيسور المعز عمر بخيت نشرها على صفحته في “فيسبوك”.

وتقول فاطمة محمد، إحدى المواطنات السودانيات، وهي تمسح دموعها: “عندما سمعت الأغنية لم أستطع التحكم في دموعي، شعرت وكأن الزمن عاد بي إلى الوراء، إلى أيام كانت فيها الحياة أبسط، وأيام كانت الأحلام غضة ونضرة في قلوبنا”.

وتضيف بحسرة: “لم أصدق أن الأوبريت لا يزال يحمل تلك القوة العاطفية التي تأثرنا بها في ذلك الزمن”.

من جانبه، يوضح الإعلامي والناقد السوداني مصعب الصاوي أن “في زمن الحرب تستعيد الذاكرة لحظات التماسك والاستقرار، والمفردات الجمالية التي تعبّر عن الحياة، وقدرة الإنسان على الإبداع”، ويضيف: “يا قروية أثارت كل هذه الشجون لأنها لمحة من زمن نادر يستحيل أن يعود”.

ويشير الصاوي إلى أن الأغنية “قدمت قيم القرية خاصة القيم الاجتماعية”، معتبراً أن “هذه هي القيم الأصيلة مقابل المظاهر المزيفة لحياة المدينة”.

من الناحية الفنية، يلفت الناقد إلى حالة التضاد (Contrast) التي قدمت في الأغنية، من خلال وجود صفين في وضع المواجهة، بينهما ساحة لعرض تابلوهات الرقص.

رغم مرور ما يقارب الخمسة عقود على إنتاج الأغنية، إلا أن انتشارها الواسع خلال اليومين الماضيين يؤكد أن العمل الفني الصادق قادر على كسر حواجز الزمن والتقنية.

فمن بين رماد الحرب ومآسي الشتات، نهضت “يا قروية” من ذاكرة الأبيض والأسود بعد نصف قرن أو أكثر، لتحتل صدارة الترند بين السودانيين.

تجسد الأوبريت محاورة غنائية رقيقة بين فتيات من الريف يحلمن بزيارة العاصمة، وأخريات من المدينة يصفن لهن ملامح الحياة الحضرية.

ورغم بساطة المشهد، فإنه يحمل دلالات اجتماعية وثقافية عميقة، وينضح بحس فني صادق يعكس ملامح المجتمع السوداني في تلك الحقبة.

الأزياء وتصفيف الشعر في الأغنية يعكسان التناقض بين الأصالة والحداثة، حيث تميزت أزياء وتصفيف شعر القرويات بالطريقة السودانية التقليدية، بينما تنوعت أزياء فتيات المدينة وفق مختلف خطوط الموضة في ذلك العصر.

هذه الظاهرة الثقافية الفريدة تثبت أن الفن الأصيل يبقى خالداً رغم تغير الظروف، وأنه في أوقات المحن، يلجأ الناس إلى تراثهم الفني بحثاً عن العزاء والهوية المشتركة.

تقرير أممي: قوات الدعم السريع تحتجز وتُعذب آلاف المدنيين في الخرطوم

اقرأ المزيد